ذكرت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن وسائل الإعلام التي تديرها الدولة السعودية تقوم بتخفيف حدة تقاريرها الخاصة بـ(إسرائيل)، وتتحدث أعمدتها، بشكل غير مسبوق، عن آفاق العلاقات المباشرة، نقلا عن مسؤولين إسرائيليين، بالإضافة إلى أخبار أقل سلبية عن العلاقة بين (إسرائيل) والفلسطينيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا التحول العام الموجود في منابر إعلامية، مثل صحيفة الرياض وقناة العربية، وقنوات أخرى محلية أو مملوكة للدولة يشير إلى أن عملية الاتصال السري، تحت الطاولة، بين السعودية والكيان تمتد لسنوات.
وأضافت الصحيفة نقلا عن خبراء في المملكة أن حركة وسائل الإعلام تمثل مرحلة جديدة في هذه العملية الدبلوماسية، مشيرين إلى أن هناك دلائل على وجود جهد في العائلة المالكة لتهيئة المجتمع السعودي للنقاش الذي كان في وقت سابق خارج الحدود المسموح بها.
وعلق «ديفيد بولوك»، الخبير في شؤون المنطقة بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بالقول «الجميع يعرف أن هذا الأمر لن يحدث بين عشية وضحاها، وعلى الأرجح لن يقنع الكثير من الناس، ولكن هذه ليست النقطة»، مستدركا: «النقطة هي التأسيس لهذا الاقتراح ليكون قابلا للنقاش، وكسر المحرمات حول مناقشة احتمال تطبيع العلاقات بين البلدين».
وأضاف «بولوك» «بمجرد أن فعلت ذلك، فقد أضفيت شرعية على الموضوع، لتصبح، فجأة، أمام طرفين».
ونقلت الصحيفة الإسرائيلية عن أحد كتاب الأعمدة دعوته السعوديين إلى ترك كراهية اليهود وراء ظهورهم، ومطالبة آخر بمحادثات مباشرة بين الطرفين، دون وسطاء، على أساس المصالح الوطنية السعودية، بحد قوله.
ويبدو أن تلك المصالح الوطنية تتماشى مع المصالح الإسرائيلية، ويأتي على رأسها قضية إيران، التي كانت تهيمن على الاهتمامات السعودية في الأشهر الأخيرة، وخصوصا الأنشطة الإيرانية في لبنان وسوريا واليمن.
وصوَر الإسلاميون المحافظون السعوديون إيران والشيعة وحزب الله على أنهم أسوأ بكثير من اليهود، وفقا لتعليق الباحث في معهد واشنطن، مضيفا: «لذلك، فإن هذا النوع من التناول قد يدفعهم في الاتجاه نفسه».
وقال مسؤول في وزارة الخارجية إنه كانت هناك بعض الإشارات الإيجابية من الرياض، مثل مقابلة سفير (إسرائيل) في واشنطن، رون ديرمر، مع وسائل الإعلام السعودية، وحوار المدير العام لوزارة الخارجية، «دوري غولد»، العام الماضي مع موقع سعودي.
وعلق مسؤول إسرائيلي، على هذا قائلا: «هذه إشارات إيجابية، ولكن لن أقول إن قواعد اللعبة تغيرت»، مستدركا: "هناك أمور جيدة تحدث»، وفقا للصحيفة.
زيارة عشقي
وتطرقت الصحيفة إلى زيارة الجنرال السعودي المتقاعد «أنور عشقي» لـ«إسرائيل» في الفترة الماضية.
وقالت صحيفة «رأي اليوم» إن الجولة الثانية من مغامرات السعودي «عشقي» مع إسرائيليين على النار وبمساعدة مسؤولين في السلطة الفلسطينية.
ونقلت الصحيفة عن «عشقي» أنه يزور فلسطين ويتواصل مع مؤسسات فلسطينية وليست إسرائيلية، لكن هذا القول ينظر له كثيرون باعتباره تبريرا لاتصالات التطبيع المتنامية خلف الستارة بين دوائر إسرائيلية وأخرى سعودية.
ويمهد مكتب دراسات سعودي يصف نفسه بأنه «مستقل» لإجراء جولة جديدة من دراسات الأزمة والسلام والأمن الإقليمي بمشاركة باحثين إسرائيليين، وتتم مثل هذه الاتصالات عبر روافع فلسطينية.
وأوضحت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة جدا، بأن اتصالات «عشقي» تتخذ طابع إجراء دراسات لكنها منسقة مع مكتب ولي ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان».
ولفتت إلى أن أطرافا في السعودية وجدت في اتصالات «عشقي» محاولة لتأسيس قناة مباشرة دون تحمل مسؤوليات رسمية خصوصا في ظل قناعة أركان السلطة الفلسطينية بأن تحركات «عشقي» لا يمكنها أن تكون غير منسقة مع حكومة بلاده أو مع شخصيات نافذة فيها.
وسبق لاتصالات مماثلة أن جرت بين «عشقي» وإسرائيليين في عواصم أوروبية، لكن زيارة قام بها الأخير للداخل الفلسطيني أثارت الكثير من الجدل، خصوصا وأن «عشقي» يوصف داخل السعودية بأنه على طريق أسلوب ونظرية الأمير «تركي الفيصل» رئيس الاستخبارات السابق.
وكان «عشقي» قد صرح في وقت سابق من أغسطس/آب الجاري أنه يخطط لتكرار زيارته لـ«إسرائيل»، مؤكدا أن أحدا لم يحقق معه بعد الرحلة الأولى، وأنه وإن كان لا يمثل الدولة إلا أن آراءه تسير ضمن حدود المبادرة العربية التي أعلنها العاهل السعودي السابق عام 2003.
واعتبر أن الشعوب العربية تتعامل بعاطفتها مع «إسرائيل» رغم أنها باتت أمرا واقعا، حسب قوله.
وكانت وسائل الإعلام الإسرائيلية قد قالت إنه ليس بإمكان هذا الضابط السعودي السابق زيارة «إسرائيل» دون موافقة سلطات المملكة، حيث تأتي «إسرائيل» في قائمة الدول المحظور على المواطن السعودي السفر إليها، وتعتبرها دولة احتلال وترفض التطبيع معها قطعيا.