التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مـصر ليـست فـقـيرة يا سـيـسي

"محدش قالك إن أنت فقير قوي.. لأ يا ريت حد يقولكم إن احنا فقرا قوي ودولة فقيرة".. صفعة وجهها السيسي للمصريين أمس الأول وكررها 3 مرات خلال إحدى جلسات مؤتمر الشباب بمدينة أسوان، قبل أن ينفعل على شاب حاول مقاطعته قائلاً: "اسمع الكلام.. إحنا بنقولكم المرض".

إذن "نحن فقراء قوي.. ودولة فقيرة"، هكذا قالها السيسي بأسوان، لكن التاريخ والحاضر والمستقبل يقول عكس ذلك، يقول إن مصر دولة غنية جداً ولا تقل في مواردها الطبيعية عن أغنى بلدان العالم، لكن ينقصها إدارة حكيمة وحكم رشيد وحكومة منتخبة حريصة على أموال الشعب، لا حريصة فقط على أموال وثروات النخبة الحاكمة ومن يساندها من كبار رجال الأعمال والمستثمرين.

مصر في حاجة فقط إلى إدارة محترفة تفهم مقومات الحاضر وفرص المستقبل ولا تعاير الناس بفقر مزعوم من صنع يدها، لأنها هي التي خلقته بأفعالها، إدارة تدرك عناصر قوة الدولة التي تقودها قبل أن تتحدث عن نقاط ضعف هي التي خلقتها، إدارة تعرف كيف تستغل الخبرات والثروات المتوافرة لدى الدولة.

ولمن لا يعرف مصر جيداً، فهي صاحبة ثالث أكبر اقتصاد في المنطقة بعد السعودية والإمارات، دولة ذات اقتصاد متنوع، لا تعتمد على مصدر واحد في مواردها المالية والاقتصادية، فلديها قطاعات وأنشطة عدة ومتنوعة منها الزراعة والصناعة والسياحة والخدمات والتجارة والبترول والغاز والذهب والمعادن والسواحل والمناخ والموقع الجغرافي المتميز والممرات المائية العالمية والعمالة الرخيصة والقطاع المالي والمصرفي، والأهم من ذلك البشر.

مصر فيها آلاف المصانع التي تجاوزت صادراتها الخارجية قبل ثورة 25 يناير 2011 ما يزيد عن 30 مليار دولار، بالإضافة إلى تغطية احتياجات السوق المحلي، وبسبب سياسات النظام الحالية تراجع الرقم لما يقرب من النصف حالياً.

مصر لديها قناة السويس، أهم ممر مائي في العالم على الإطلاق، ممر يدر على البلاد 5 مليارات دولار سنوياً، وعلى الرغم من التحديات التي تواجهه وتطورات عمليات نقل السلع والبضائع لكنه لا يزال الممر الذي ينقل نحو 8% من حجم التجارة العالمية، ولا يزال قادراً على جذب السفن العملاقة.

مصر لديها حقل ظهر الواقع قبالة سواحل مدينة بورسعيد وهو أكبر حقل لإنتاج الغاز في البحر المتوسط، ولديها حقول غاز ونفط ضخمة تقع في المياه الإقليمية بالبحرين المتوسط والأحمر أو في الصحراء الشرقية والغربية.

مصر فيها أكبر قاعدة صناعية في منطقة الشرق الأوسط، ولديها عشرات المدن الصناعية، فيها أكبر مصانع لإنتاج الحديد والأسمنت والأسمدة في المنطقة، فيها عمالة مدربة ومحترفة غزت العالم شرقه وغربه وحققت نجاحات مرموقة في كل موقع تتقلده.

مصر لديها القاهرة الفاطمية والأزهر الشريف وشرم الشيخ والغردقة والأقصر وأسوان والإسكندرية ومرسى مطروح وسيناء وتيران وصنافير، لديها أهم مناطق جذب سياحي في العالم، والأهم لديها ثلث آثار العالم، مصر لديها قطاع سياحة كان يدر على البلاد إيرادات سنوية تقدر بنحو 14 مليار دولار سنوياً، وكان من المخطط أن ترتفع هذه الإيرادات إلى 20 مليار دولار في غضون سنوات معدودة لولا انقلاب 3 يوليو المدمر الذي هوى بإيرادات القطاع لتصل إلى 3.5 مليارات دولار في العام الأخير.

مصر بها قطاع مالي قوي، وبنوك تتجاوز ودائعها أكثر من تريليوني جنيه، لديها حضارة سبعة آلاف عام وبها الأهرام وأبو الهول، ويوجد في ركن من أركانها أماكن مقدسة، في سيناء وصعيد مصر والقاهرة والوجه البحري.

مصر بها ملايين الفلاحين الذين يزرعون ملايين الأفدنة منذ آلاف السنين، بها وادي النيل

شريان الحياة والنهر الخالد، بها السد العالي العظيم، لديها أكبر قاعدة من المستشفيات والمدارس والجامعات والكليات والمعاهد.

مصر لديها أكبر جبل للذهب في العالم، لديها جبل من الذهب في منجم السكري بالبحر الأحمر بمخزون يقدر بحوالي 5 ملايين أوقية، علماً بأنه الموقع الوحيد المعلن عنه ضمن 270 موقعاً آخر في انتظار استخراج الذهب منها.

مصر لديها يورانيوم شاهدته بنفسي في سواحل البحر الأحمر قبل أكثر من 20 عاماً، لديها أكبر كوادر بشرية في كل مجالات الطب والهندسة والصيدلة والعلوم والآداب، تمتلك قوة ناعمة في أفريقيا وفي العالمين العربي والإسلامي.

مصر لديها احتياطيات من خام الحديد تقدر بنحو 400 مليون طن موجودة في أسوان والواحات البحرية والصحراء الشرقية.

مصر تملك أكبر مخزون من الرخام، والجرانيت، على مستوى العالم، ويمكنها أن تصدر للخارج كميات بقيمة ملياري دولار سنويا إذا أحسن استغلال المحاجر، (المصدر مركز معلومات مجلس الوزراء).

مصر دولة بها أصول تقدر بحوالي 100 ألف مليار جنيه غير مستغلة وتهدر قرابة 750 مليار من الضرائب والدعم كما تقول جريدة الأهرام الرسمية، هل في هذه الحالة تكون فقيرة؟

مصر يعرفها غيرنا ويقدرها هؤلاء أكثر منا، يعرفها العبقري مهاتير محمد باني ماليزيا الحديثة ورئيس وزرائها الأسبق، والذي أكد خلال زيارة للقاهرة إن مصر لديها ثروات ضخمة غير مستغلة كافية لمساعدة نحو 50 دولة على مستوى العالم.

مصر تعرفها رئيسة المفوضية العليا للاتحاد الأوروبي السابقة، كاثرين أشتون، والتي قالت منتصف فبراير/شباط 2011 إن "مصر لديها ثروات تكفي لمساعدة ربع الدول الأوربية، وأن ما تم سرقته وإهداره خلال الـ 15 سنة الأخيرة من حكم مبارك كان يكفي لظهور ملايين الأثرياء بثروات مليارية".

مصر ليست فقيرة، بدليل أن لديها ثروات غير مستغلة وغير موظفة تبلغ قيمتها نحو 400 مليار دولار، طبقاً لدراسات أجراها معهد الحرية والديمقراطية في مصر.

هذه مصر الثرية التي لا تعرفها السلطات الحالية في مصر، وربما تعرفها لكنها تظهرها بمظهر الفقير المتسول المغلوب على أمره، ولا نعرف حقا لماذا إصرار السلطة الحاكمة على توصيل هذا المعنى للمصريين في هذا الوقت بالذات؟

إذا كانت مصر تعاني حقاً من الفقر، فلماذا تنفق 12 مليار دولار على صفقات أسلحة جديدة، وإذا كانت البلاد بهذا العوز، فلماذا تهدر 115 مليار جنيه على تفريعة قناة السويس التي أثبتت كل الدراسات أنه لا طائل من ورائها ولا يحتاجها الاقتصاد لسنوات مقبلة، ولماذا تنفق الدولة نحو 30 مليون دولار على حفل افتتاح التفريعة الجديدة، ولماذا تنفق نحو 120 مليون جنيه على مؤتمر شرم الشيخ الذي كانت نتيجته في جذب الاستثمارات صفر؟ ولماذا الإسراف الحكومي؟

هل مصر في هذه الحالة تكون دولة فقيرة كما يقول السيسي؟

مصر غنية وليست فقيرة، هي فقط في حاجة لقائد يعرف كنوزها ويقدر ثرواتها خاصة البشرية، نعم مصر تكون فقيرة عندما يختفي منها 70 مليار جنيه من موازنة عام واحد ولا حس ولا خبر ولا يعرف المصريون أين ذهبت كل هذه المليارات؟ مصر تكون فقيرة عندما تهدر 115 مليار جنيه على مشروع واحد لا طائل منه.

مصر أصبحت فقيرة بكم.

* مصطفى عبد السلام كاتب ومحرر اقتصادي مصري

التاريخ: 
الثلاثاء, يناير 31, 2017 - 10:45
المصدر: 
العربي الجديد
تاريخ النشر: 
الثلاثاء, يناير 31, 2017 - 10:45

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

مفاجأة يكشفها سمير الوافي حول الأمر العاجل الذي بسبب سافر رئيس الحكومة هشام المشيشي وحيدا إلى باريس

موقع "مجتهد": كتب سمير الوافي - التونسي الذي ينبهر حين يرى رئيس غربي في الميترو وفي القطار وفي الأسواق دون حراسة وأبهة وبهرج...وتعجبه أنجيلا ميركل لأنها رمز التواضع والبساطة والتعفف مع الناس وتعيش كما يعيشون...وينشر صورها بإعجاب وحسرة في الأسواق والشوارع بملابس بسيطة ودون حاشية وموكب... هو نفس التونسي الذي يسخر من رئيس حكومة بلاده وينتقده على سفره في طائرة عادية دون حراسة وبهرج وبلا تكاليف على حساب المال العام...ويعتبرها عارا على هيبة الدولة...وتقصيرا في عمله في هذه الظروف الصعبة...رغم علمه أن إدارة الدولة خلال ساعات ليست مستعصية بوسائل التواصل والاتصال المتقدمة...!!! هي حالة نفاق زادها تعليق أحد النواب إنحطاطا وإبتذالا...فرئيس الحكومة حسب معلوماتي سافر الى عائلته هناك لأمر عائلي وإنساني عاجل وسريع...واختار أن لا يتكلف سفره أي مليم من المال العام...ومشهد نزوله في المطار وانتظار حقيبته مع الناس...هو مشهد عادي جدا في الغرب...حيث مجرد قهوة خاصة على حساب المال العام تؤدي إلى السجن بتهمة الفساد...كما أن الحفلات والإحتفالات ممنوعة في باريس حيث حظر التجول يبدأ في الثامنة مساء...

أول رد للممثلة ريم الرياحي ومفاجأة: "بريئة" .. وهذا ما حدث في شقة مديح بلعيد بحي النصر

بعد إقالته من منصبه دون إعلامه بصفة مباشرة ورسمية.. شوفو ردة فعل والي صفاقس بعد إعلامه بالخبر في المباشر على الإذاعة من قبل الصحفية