موقف لا يحسد عليه، من المرتقب أن يتعرض له النظام المصري مساء اليوم الثلاثاء، مع انطلاق تصويت مجلس الأمن بدوله الـ15 ومن بينها مصر على مشروع قرار جديد بالمجلس حول فرض عقوبات على النظام السوري برئاسة «بشار الأسد» لاستخدامه الأسلحة الكيماوية في قصف المدنيين السوريين.
موقف يعد بمثابة اختبار سعودي جديد لمصر وربما يكون مفصليا في العلاقات بين البلدين، والتي تعاني توترا مكتوما، ربما يظهر إلى السطح ويصبح مكشوفا مساء اليوم، عقب التصويت المرتقب على القرار.
فالنظام المصري اليوم بين نارين، الأولى محاولته إرضاء روسيا حليفته السياسية والتي يبتاهى بعلاقته معها كقوة عظمى يحاول تصدير المشهد بأنها تعترف به وتدعمه، بصرلف النظر عن أن هذا الدعم لم يترجم على أرض الواقع حتى اليوم وربما يقتصر على تنازلات مصرية بين الحين والآخر ليس أكثر، وهو ما يقوده للتصويت ضد القرار إرضاء لموسكو التي تدعم النظام السوري وحليفته إيران.
كلمة النهاية
وفي هذه الحالة سيكون هذا التصويت بمثابة كلمة «النهاية» في مسلسل المواءمات والتصريحات المائعة للمسؤولين السعوديين والمصريين حول العلاقات بين البلدين، وهي التصريحات التي يستطيع التلميذ المبتدئ أن يقرأ بين سطورها حالة التوتر في العلاقات.
والحالة الأخرى هي التصويت للقرار، وهو الأمر المستبعد لعلاقات النظام المصري بنظيره السوري من جهة، وكذلك للعلاقات مع موسكو.
أما الاحتمال الثالث فهو الامتناع عن التصويت، وربما يكون خيار يلجأ إليه النظام المصري ليمسك العصا من المنتصف، وهو خيار تتساوى إيجابياته مع سلبياته، فربما يغضب الطرفين وربما يرضيهما.
ورغم أن روسيا، العضو الدائم في مجلس الأمن، قد لوحت مسبقا باستخدام حق نقض القرار (الفيتو)، ما يعني عدم تمريره، إلا أن تصويت مصر سيكون بالغ الأهمية في نظر المراقبين، خصوصا مع تأييد السعودية القوي للقرار.
وقالت الدبلوماسية السعودية في الأمم المتحدة، «منال رضوان» في تصريحات صحفية، إن بلادها تتبنى مشروع قرار مجلس الأمن الذي سيتم التصويت عليه، بشأن معاقبة نظام «الأسد» لاستخدامه الأسلحة الكيمائية في سوريا.
فيما لم يصدر أي تعليق رسمي مصري حول موقف القاهرة من القرار وما إذا كانت ستصوت لصالحه أو ضده.
وأوقفت المملكة الدعم النفطي الذي تقدمه لمصر منذ أكتوبر/ تشرين أول دون إبداء أية أسباب رغم وجود اتفاقيات تجارية بينهما وفقا لمسؤولين في وزارة البترول المصرية.
لكن ذلك جاء بعد تصويت مصر لصالح مشروع قرار تدعمه روسيا في مجلس الأمن الدولي بشأن سوريا في أكتوبر/ تشرين أول استثنى دعوات تطالب بوقف قصف حلب وهو ما عارضته السعودية بشدة.
كان المندوب السعودي لدى الأمم المتحدة، «عبد الله المُعلمي»، انتقد تصويت مندوب مصر لصالح مشروع القرار الروسي بشأن الأزمة السورية في مجلس الأمن.
ويختلف موقف مصر مع الموقف السعودي في التعامل مع الثورة السورية التي بدأت قبل خمس سنوات حيث تعطي الأولوية للحل الدبلوماسي ولا تطالب برحيل رئيس النظام السوري «بشار الأسد».
وفي وقت سابق قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية، إن الخلاف الذي وقع بين مصر والسعودية في مجلس الأمن، يشير لإعادة ترتيب مراكز القوى بالشرق الأوسط.
وأضافت أن الخلاف هو الأول العلني بين الرياض والقاهرة، منذ الإطاحة بحكم «الإخوان» عام 2013، والتي تبعها تدفق مليارات الدولارات من المساعدات السعودية، والتي «أبقت الاقتصاد المتداعي في مصر واقفا على قدميه».
وتابعت الصحيفة أن استمرار التوتر بين مصر والسعودية، يشير إلى إعادة ترتيب مراكز القوى في الشرق الأوسط، وحرمان العالم العربي، السني في أغلبه، من تحالف مهم في مواجهة توسع النفوذ غير العربي، متمثلا في إيران وتركيا.
وقبل أيام، قال مسؤولون تنفيذيون في شركات عقارية مصرية إن شركاتهم علقت العمل باتفاقيات في مجال الإسكان مع الحكومة السعودية بنحو 23 مليار دولار، تخوفا من تزايد توتر العلاقات بين البلدين.
وكانت أربع شركات عقارية مصرية وقعت مذكرات تفاهم في مجال الإسكان مع وزارة الإسكان السعودية خلال زيارة العاهل السعودي الملك «سلمان بن عبد العزيز» إلى القاهرة في أبريل/ نيسان الماضي.
وفي يناير/ كانون ثاني الماضي، أصدرت المحكمة الإدارية العليا في مصر حكما نهائيا ببطلان توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع السعودية تضمنت نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للمملكة وهو حكم قد يزيد من التوتر القائم بين البلدين.
وكانت مصادر سياسية مصرية مقربة من السفير السعودي لدى القاهرة «أحمد قطان»، كشفت في ديسمبر/كانون أول الماضي، عن أن هناك رفضا سعوديا تاما لأي تحسن في العلاقات تجاه النظام المصري، يقوده ولي ولي عهد المملكة الأمير «محمد بن سلمان».
وبحسب المصادر، حاول عدد من الشخصيات العربية البارزة تأدية دور الوساطة في تقريب وجهات النظر، إلا أن هذه المحاولات قوبلت بالرفض من جانب «بن سلمان».