قالت مصادر إن هناك مصارف وشركات سعودية أقدمت على تسريح الآلاف من موظفيها، بذريعة تدني دخلها وتحقيق بعضها خسائر كبيرة.
جاء ذلك بعد نحو شهر من إصدار وزير العمل والتنمية الاجتماعية علي الغفيص، قرارا يحظر على المنشآت فصل الموظفين السعوديين بشكل جماعي، وإيقاف الخدمات عن المنشآت المخالفة.
وحذرت الوزارة في 30 يناير/كانون الثاني الماضي، المنشآت الخاصة من استغلال «ثغرة» في نظام العمل الجديد الذي دخل حيز التطبيق في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2015، واتخاذها ذريعة لفصل الموظفين السعوديين، ملوحة بنيتها إيقاف الخدمات كافة عن المنشأة التي تثبت ممارستها عمليات فصل «تعسفية» ضد السعوديين.
من جهته طالب عضو مجلس الشورى الدكتور «سعيد الشيخ»، وزارة العمل بإعادة النظر في المادة الـ77 من النظام الجديد، واعتبرها «منحازة لجهة العمل على حساب الموظف، وتخل بمبدأ التوازن»، وقال: «إن الموظف هو الحلقة الأضعف في العلاقة التعاقدية».
ومنحت المادة الـ77 من نظام العمل الجديد، الذي دخل حيز التطبيق، الحرية لشركات القطاع الخاص بإنهاء خدمات من يعملون لديها، في مقابل دفع راتب 15 يوماً عن كل سنة عمل فيها الموظف في الشركة.
وانتقد متخصصون في مجال سوق العمل أنظمة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي رأوا أنها «فتحت الباب أمام القطاع الخاص للتخلي عن الموظف السعودي بسبب أو من دون سبب».
وطالبوا الوزارة بـ«التدخل السريع للحد من استغلال مواد نظام العمل التي تتيح لأصحاب الأعمال تسريح العمال من دون أسباب، وذلك بتعليق تطبيق المادة في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة، وإيجاد ضوابط تفسيرية دقيقة في حال تطبيقها، ودعوا إلى عقد اجتماع سريع مع الأطراف ذات العلاقة لإجراء التعديل».
وحض متخصصون تحدثوا إلى «الحياة» أصحاب الأعمال على التريث قبل اتخاذ مثل تلك الخطوة، والاهتمام بتدريب العامل أو التفاوض معه لإنقاص أجره في ظل الأزمات الاقتصادية التي تواجهها بعض الشركات، مشددين على ضرورة قيام الموظفين السعوديين بواجباتهم على النحو المطلوب.
واكتفت وزارة العمل بالرد على حالات فصل تعرض لها سعوديون أخيراً بتغريدة من المتحدث باسمها «خالد أبا الخيل» على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، رد فيها على قضية فصل 1200 موظف سعودي من إحدى الشركات الكبرى بالقول: «وزارة العمل والتنمية الاجتماعية أوقفت إنجاز معاملات وخدمات المنشأة في نظام خدمات الوزارة إلى حين التحقق من القضية».
وأوائل الشهر الجاري، أوضح تقرير صحفي أن تسريح العمالة في القطاع الخاص، أصبح هاجسا يؤرق الحكومة السعودية، بعد ارتفاع وتيرته خلال العام الجاري 2017، نتيجة محاولة الشركات تخفيض تكاليفها التشغيلية، لمواجهة الأوضاع الاقتصادية الحالية في البلاد، مما يضطرها لخفض عمالتها.
وقال التقرير إن وزير العمل السعودي قرر مواجهة ذلك في 30 يناير/كانون الثاني الماضي، عن طريق حظر فصل السعوديين من العمل بشكل جماعي، وإيقاف الخدمات عن المنشـآت المخالفة.
ووفق التقرير، جاء قرار وزير العمل بعد تعرض العديد من السعوديين، للفصل في القطاع الخاص السعودي خلال الأيام الأخيرة، ما دعا السعوديين للتذمر بشدة، وكتابة وسم على «تويتر» يرفضون فيها قرارات الفصل.
وبحسب بيانات وزارة العمل السعودية، يبلغ عدد العمالة السعودية في القطاع الخاص نحو 1.7 ملايين موظف، فيما يبلغ عددهم نحو 1.2 موظف في القطاع الحكومي، بحسب بيانات وزارة الخدمة المدنية.
وتعاني السعودية - أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم - في الوقت الراهن، من تراجع حاد في إيراداتها المالية، الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام عما كان عليه عام 2014، ما أثر بشكل واضح على القطاع الخاص في البلاد.
وأعلنت السعودية في ديسمبر/كانون الأول الماضي، موازنة العام 2017، بإجمالي نفقات تبلغ 890 مليار ريال (237.3 مليارات دولار)، مقابل إيرادات قيمتها 692 مليار ريال (184.5 مليار دولار)، بعجز مقدر قيمته 198 مليار ريال (52.8 مليارات دولار).
ونتيجة لتراجع أسعار النفط، لجأت السعودية لخفض الدعم عن الطاقة والمياه والكهرباء نهاية العام الماضي، فيما خفضت بدلات وعلاوات موظفي الدولة، كما خفضت رواتب الوزراء بنسبة 20%، ومكافآت أعضاء مجلس الشورى بنسبة 15% في محاولة لترشيد الإنفاق.
كما رفعت السعودية العام الماضي رسوم تأشيرات الدخول والخروج من أراضي بما في ذلك الحج والعمرة لثاني مرة وبعدها، في محاولة لزيادة إيراداتها.
وتنوي السعودية رفع أسعار الطاقة والمياه تدريجيا، لتصل للمعدل العالمي في 2020، فيما ستعوض المواطنين بدعم نقدي عبر ما يسمى ببرنامج حساب المواطن.
ومن المقرر أن يحصل المواطنين على الدعم النقدي اعتبارا من يوليو/تموز المقبل، قبل تطبيق الإصلاحات الاقتصادية، فيما سيبدأ التسجيل في البرنامج مطلع فبراير/شباط المقبل
وتنوي الحكومة السعودية فرض رسوم شهرية على العمالة الوافدة، بواقع 400 ريال شهريا (106.7 دولارات) خلال 2018 لترتفع إلى 600 ريال (160 دولارا) في 2019 وتصل إلى 800 ريال شهريا (213.3 دولارات) في عام 2020.
كما سيتم فرض رسوم على المرافقين للعمالة الوافدة في السعودية بنحو 100 ريال (26.7 دولارات) عن كل مرافق شهريا اعتبارا من يوليو/تموز 2017، ترتفع 100 ريال شهرياً كل عام حتى تصل 400 ريال (106.7 دولارات) شهريا عن كل مرافق في 2020.
وتشير بيانات الهيئة العامة للإحصاء في السعودية، إلى أن عدد الأجانب قد بلغ 10.07 ملايين نسمة عام 2015 ما يمثل نسبة 33% من إجمالي عدد السكان في البلاد البالغ 30.6 مليون نسمة.