موقع "مجتهد": اجرت مجلة “جون افريك” الفرنسية حوارا مع رئيس البرلمان وحركة النهضة راشد الغنوشي تمحور حول المشاحنات التي يشهدها المجلس والوضع الاقتصادي والاجتماعي بتونس ونظرته الى مبادرة اتحاد الشغل الخاصة باجراء حوار وطني ورأيه في الاحتجاجات التي تشهدها عديد الجهات وفي اضراب القضاة.
ونفى الغنوشي اهمال مجلس نواب الشعب المسائل التشريعية بفعل المشاحنات التي يشهدها خلال كل جلساته قائلا:” الأداء البرلماني مقارنة بالسنة الماضية حقق المطلوب وكان في المستوى المرجو في ظل ظروف العمل الحالية .. عمل البرلمان هو الوحيد الذي يسير تحت انظار الكاميراوات وكل شيء موثق .لقد شرّعنا العديد من القوانين ولكن الإعتصامات كانت تعطل سير أشغاله” مضيفا” بطبيعة الحال التظاهر والسعي وراء المطالب حق مشروع لكنه ليس من حق النواب المنتخبين تعطيل سير المجلس مثلهم مثل المعتصمين الذين من حقهم رفع جملة من المطالب دون تعطيل سير عمل المنشآت… فحرية الشخص تنتهي حين تمس بحرية الغير. ومنذ إنتخابات 2019 شهدنا محاولات عديدة للانقلاب على نتائج صناديق الاقتراع وتعديلها وعلى الجميع أن يفهم أننا في بلاد ديمقراطية وان ارادة الشعب وحدها هي الفيصل ، أما بالنسبة للذين يشككون في نزاهة واستقامة بعضهم البعض فهناك قانون يطبق والشعب سيضع بتصويته حدا لذلك . مازلنا نعيش ديمقراطية ناشئة ، ثورتنا عمرها 10 سنوات و مجلسنا 6 سنوات. هناك أمم مثل فرنسا بقيت مدة قرن كامل لتخلق دولة ديمقراطية “.
واعترف الغنوشي بوجود نقاط قال انه يجب مراجعتها مثل القانون الإنتخابي مشيرا الى انه صيغ لتجنب تفرد حزب واحد بالسلطة وبسط يده عليها والى ان ذلك قاد إلى مشهد سياسي مجزئ في سنة 2011 معتبرا ان هذا التمشي عكس الرغبة في استبعاد الأحزاب القوية مضيفا ان سبب تتالي الحكومات بمعدل حكومة كل سنة هو القانون الانتخابي لافتا الى ان لجنة النظام الداخلي بالبرلمان قدمت مشروع قانون ينظم المسألة والى انه سيناقش في مفتتح سنة 2021 .
وعبّر الغنوشي عن الافتخار بالديمقراطية التونسية قائلا”صحيح تنقصنا الخبرة ، لكن حكوماتنا لا تسقط بانقلاب وانما تستبدل بانتخاب حر ونزيه وديمقراطي ومن البلدان التي حاولت تبنّي طريقنا ( مصر ، ليبيا و سوريا ) وحدها تونس قاومت كل الأعاصير ومحاولات وأد الثورة” . وأكد ان سنة 2021 ستكون سنة تجاوز النقائص على مستوى المجلس ومراجعة القانون الإنتخابي والاعتناء بالجانب الإقتصادي .
وشدّد المتحدث على ان تونس تحتاج إلى إصلاح اقتصادي وخصوصا دعم الصناديق الإجتماعية معتبرا ان ذلك سيساهم في التصدي للسوق الموازية وادماجها في العجلة الإقتصادية كاشفا ان الدولة تستعد لمنح اراض لباعثي المشاريع الصغرى من الشبان وان الهدف من ذلك خلق مناخ استثماري قال انه يمهد بدوره لمناخ إجتماعي موات للعمل .
وعن رأيه في تمسك الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة الحوار الوطني قال الغنوشي “يجب في البداية التساؤل عن حيثيات هذا الحوار ، هل سيُعنى بالإقتصاد أم بالسياسة ؟” متابعا” لا يمكن أن يكون الحوارالا شاملا . لا يمكن التصرف كما لو أنه يقوم بهدم ما قمنا بإنجازه إلى حد الآن والذي لم نسع لإكماله بعد ، ثم القيام بإعادة البناء مع إقصاء ما تم إنجازه منذ 2011 . أليس من الأجدر إعطاء المزيد من الوقت للنظام الحالي لينهي عمله ثم تقييمه لاحقا ؟”.
وعن التوجه الذي يراه أنسب في الوقت الحالي قال الغنوشي:” يمكننا مناقشة سياسات التنمية العامة ومحتوى المبادئ التوجيهية الاجتماعية والاقتصادية .سنة 2018 وبعد عديد المداولات ، تم الإتفاق على 63 نقطة . و لم يجدّ خلاف سوى على النقطة 64 حول الحكومة مما أسقط المبادرة وهذا لا يقود لشيئ سوى لإضاعة الوقت رغم انه كان حقيقة للحكومة ومجلس النواب دور في جدوى القرارات قد تكون لرئيس الجمهورية المكانة المناسبة لرعاية الحوار لكن يجب على كل الأحزاب والهيئات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني المشاركة فيه …حسب رأينا كلنا معنيون بالحوار بما أننا تعرضنا للإقصاء” .
وردا على سؤال حول شبه الغياب الذي ميّز تعمال السلطات والاحزاب والمجتمع المدني مع الاحتجاجات بالمناطق المهمشة والفقيرة قال الغنوشي:” مررنا من مرحلة صعبة إلى أخرى ، من الدكتاتورية القامعة إلى الفوضى . يلزمنا وقت لإعادة الأمور إلى نصابها ولكي نتبنى طرقا جديدة تسمح بحرية التعبير في إطار القانون . لقد سمحنا بالفوضى لإرساء الحريات خلال العشرية الأخيرة وشهد النظام السياسي تحولا لكن النظام الإقتصادي بقي على حاله .ولم تشهد المناطق الداخلية التي كانت منطلق الثورة نموا بينما كان اهاليها ينتظرون تحسين أوضاعهم المعيشية وسمعناهم ينادون : “نريد الخبز ، الديمقراطية لا تشبع الجوعى ” … هذا صحيح لكن يجب نيل المطالب بلا عنف و بلا إستعمال القوة مثلهم مثل الحكام الذين يجب أن يعوا أن الأشياء تغيرت .من الصعب إقناع سكان تطاوين بأن جهتهم تشهد رقما قياسيا في البطالة وبأنه تسبحا في نفس الوقت فوق حقول الغاز والبترول . لكن هذه الثروة وطنية بالأساس ولا يمكن أن تتصرف فيها ولاية تطاوين بمفردها . كل الإتفاقيات أبرمت على نحو إعادة التوازن عن طريق أموال الاستثمار والتدابير الخاصة” .
وتابع” يجب علينا أن نتعلم المطالبة بحقوق بلا عنف واحترام المصلحة العليا للبلاد . وحدها الدولة مخولة لإستعمال القوة في نطاق القانون ، لم يعد التونسيون يخافون ، يعلمون طريقة غلق صمامات الغاز والبترول مثلما حصل في الكامور والقصرين لكنهم لم يغلقوا صمامات الجهل”