موقع "مجتهد" للأخبار والفيديو: سلطت صحيفة ''لوموند'' الفرنسية في عددها الأخير الضوء على الأزمة السياسية التي تعبش على وقعها تونس بعد تفعيل الرئيس قيس سعيد الفصل 80 من الدستور والحاق اجراءات يوم 25 جويلية بأمر رئاسي يوم 22 سبتمبر حول تنظيم مؤقت جديد للسلط احتكر معه السلطتين التشريعية والتنفيذية معتبرة ان تمشي سعيّد يمثل ''انحرافا استبداديا''.
وبافتتاحية حملت عنوان ''انحراف الرئيس التونسي الاستبدادي '' قالت الصحيفة ''و تهاوت خرافة التوافق الديمقراطي بتونس ولم يكن دافنه الا رئيس الدولة بنفسه قيس سعيّد الذي تم انتخابه سنة 2019 اثر اقتراع مناهض لـ”السيستام” وباصداره بوم الاربعاء 22 سبتمبر الجاري قرارا باعادة صياغة القوانين الدستورية في اتجاه تجميع السلطات لصالحه ، زجّ الرئيس التونسي ببلاده في مغامرة حكم شخصي مثقل بالتصدّعات والكسور.
وحتى ان كانت غواية الاستبداد لدى قيس سعيد مغلّفة بتمجيد ''الشعب''و''احياء الثورة '' فإنها تضع بشكل احادي نهاية لعشرية تدرّب على ممارسة الديمقراطية البرلمانية 2011-2021. ولا يمثل الحدث كارثة للارث الديمقراطي في تونس فحسب وانما هو كذلك بالنسبة للعالم العربي قاطبة أين يتلألأ النموذج التونسي كبصيص أمل في معاقل الدكتاتوريات والحروب الاهلية، لكن هذه المنارة انطفأت''.
واضافت ''لوموند : '' والاكيد انه لا ينبغي الانتشاء بالكثير من الاوهام بعد انقلاب 25 جويلية الذي دق جرس الفصل رقم 1 من مجرى الاحداث . يومها استاثر قيس سعيد لنفسه بكل السلطات متذرّعا بـ”خطر داهم '' يتهدّد الامة طبقا للفصل 80 من الدستور .وقد صفقت الجماهير لذلك يفعل سخطها على الصراعات السياسية العقيمة تحت قبة البرلمان في ظل تدهور الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية واحتدام الازمة الناتجة عن جائحة كوفيد 19.
لكن اتضح ان ما كان يُفترض ان يكون تصرفا مؤقتا لفرض السلطة وتصحيح شلل يؤسس في الواقع لتأبيد نظام استثنائي . وجاء الفصل الثاني من مغامرة قيس سعيّد بالامر الرئاسي الصادر بتاريخ يوم الاربعاء 22 سبتمبر ليجسد بوضوح أكثر الانسياق الى انحراف استبدادي عبر نسف قسم كامل من دستور 2014 .وبذلك احتكر الرئيس بإلهام منه صلاحيات مراجعة الدستور حتى يكون دستورا فرط رئاسيويا. وليس سرّا ان سعيّد لم يخف كرهه للديمقراطية التمثيلية التي يماثلها بمصادرة نتائج الانتخاب الشعبي .وهو يُفضّل عليها مواجهة بلا وساطة بين الحاكم والشعب”.
وتابعت ''لا أحد ينازع في الاخلالات (فساد، فشل اجتماعي-اقتصادي) التي لوثت العشرية التي تلت سنة 2011 . لا أحد ينازع في الشعبية التي يحظى بها -الى حد اليوم- رئيس الدولة الذي يرى فيه جزء من الجماهير اليائسة متقذا نزل من السماء . غير انه كان على سعيّد التجميع بدل التقسيم ، كان عليه الحفاظ على ثقافة الحوار التي ميزت تفرّد الانتقال الديمقراطي بتونس الذي حاز جائزة نوبل للسلام عام 2015.
لكن الرئيس نسف بشكل منهجي مثال التشاور الذي كان قائما وهو يرفض بجفاء الوساطات (قوى سياسية ، نقابات وجمعيات) والاسوأ من ذلك انه يستقطب ويؤجج صراعا بين تونس (الشعب) وأخرى (النخبة) عبر لعنات تزداد عدوانية ضد ''الخونة'' و''البيّوعة''.
وختمت الصحيفة بأنه : ''لا يمكن لتونس وهي على حافة الافلاس المالي المجازفة بتأجيج فتنة مصطنعة ولم يفت الأوان بعد لتفادي السقوط في ورطة مماثلة . على سعيّد ان يعي -بغض النظر عن الشعب- ان المجتمع المدني التونسي موجود وان تاريخه جزء لا يتجزأ من الهوية الوطنية . على سعيّد ان يفهم ان الانصات لهذا المجتمع خير دافع لجهود الانقاذ وان تجاهله يفتح دوامة المجهول''.